حصاد 2023| «بدأت بأزمة المنطاد» .. العلاقات الأمريكية الصينية على صفيح ساخن

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

في عام 2023، شهدت العلاقات الصينية الأمريكية سلسلة من التوترات والتحديات التي تسببت في تدهور العلاقات بين البلدين.

تراوحت هذه التوترات بين النشاطات العسكرية حول تايوان والتوسع في الأسلحة النووية والبحرية، والاستفزازات في بحر الصين الجنوبي، والتعامل مع المسلمين الإيجور.

إلا أنه مع بداية أكتوبر 2023، بدأت تظهر بوادر لتحسن العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، بداية من زيارة وفد مجلس الشيوخ الأمريكي الي بيكين وصولا بعقد لقاء بين الرئيسين جو بايدن وشي جين بنج في سان فرانسيسكو شهر نوفمبر الماضي. 

بداية العام وتصاعد التوترات

في بداية عام 2023، بدأت التوترات بين الصين والولايات المتحدة تتصاعد بسبب زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي لتايوان في نهاية 2022 وإسقاط الولايات المتحدة لمنطاد تجسس صيني مطلع 2023، تبع ذلك تعليق الاتصالات العسكرية الرفيعة المستوى وانخفاض العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

وتمثلت أبرز مصادر التوتر في النشاطات العسكرية المتكررة التي قامت بها الصين حول تايوان، بما في ذلك إجراء مناورات بحرية وجوية وصاروخية استفزازية. كما أثارت وتيرة توسع الترسانة النووية والبحرية الصينية قلقاً متزايداً في واشنطن.

إلى جانب ذلك، اتهمت الولايات المتحدة الصين بمضايقة دول جنوب شرق آسيا في بحر الصين الجنوبي، وانتهاك حقوق الإنسان بحق مسلمي الإيجور في منطقة شينجيانج.

من ناحيتها، ردت بيكين باتهام واشنطن بالتدخل في الشؤون الداخلية الصينية من خلال دعم انفصاليي تايوان ومحاولات عرقلة صعود الصين واحتوائها من خلال تحالفات إقليمية.

تغير في المناخ الدبلوماسي

وكانت زيارة وفد أمريكي رفيع المستوى برئاسة عضو مجلس الشيوخ تشاك شومر للصين في أكتوبر 2023 خطوة مهمة نحو بدء التهدئة بين البلدين، إذ التقى الوفد مع الرئيس شي جين بينج الذي حاول التقليل من شأن التوترات الأخيرة، مشدداً على أهمية التعاون، إذ أن اللقاء لم يخلو من بعض التوتر، إذ انتقد شومر موقف الصين الداعم لحركة حماس بعد هجماتها على إسرائيل، مطالباً بيكين بإدانة واضحة للحركة.

ورغم إصرار بيكين على لوم إسرائيل، إلا أن وزارة خارجيتها اتخذت موقفاً أكثر حدة تجاه حماس بعد هذه الزيارة.

واعتُبرت الزيارة خطوة أولى نحو إعادة فتح قنوات التواصل، وبداية للتقارب الحذر بين العملاقين الاقتصاديين.

لقاء الرئيسين في سان فرانسيسكو

في منتصف نوفمبر 2023، جمعت قمة "أبيك" الرئيس الأمريكي جو بايدن بالرئيس الصيني شي جين بينج في سان فرانسيسكو، تمحورت المحادثات حول تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين، وتهدئة التوترات العسكرية والتحديات الأمنية. تعتبر هذه القمة خطوة هامة نحو تحسين العلاقات الصينية الأمريكية وتهدئة المواجهة العسكرية المحتملة، إذ اتفق الزعيمان على ضرورة منع تصعيد التوترات إلى مستوى المواجهة، مع إعلان استئناف الاتصالات العسكرية.

وحاول الرئيس الصيني طمأنة نظيره الأمريكي بشأن عدم وجود نوايا لغزو تايوان عسكرياً، بينما تجنب بايدن الإسهاب في موضوع الدفاع عن تايوان.

وتبنى الطرفان مقاربة براغماتية، إذ أعلنا تشكيل فرق عمل مشتركة لمكافحة المخدرات والتصدي لتحديات المناخ وتعزيز التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي.

من جهته، حاول الرئيس شي طمأنة المستثمرين الأجانب، في وقت تواجه فيه بلاده تحديات اقتصادية صعبة نتيجة تباطؤ النمو وتراجع الطلب المحلي.

مع انفراج التوترات واللقاء الناجح بين الرئيسين، يتوجب على الصين والولايات المتحدة مواصلة إدارة الخلافات والتوجه نحو التعاون والتفاهم المشترك. يمكن أن يسهم ذلك في تعزيز الاستقرار العالمي وتحقيق التقدم في مختلف المجالات، بما في ذلك التجارة والبيئة والأمن الدولي.

بينما شهد عام 2023 توترات وتحديات كبيرة في العلاقات الصينية الأمريكية، فإن لقاء الرئيسين في سان فرانسيسكو يمثل خطوة هامة نحو إعادة بناء الثقة وتحسين العلاقات بين البلدين. إن التحول في العلاقات الصينية الأمريكية يعكس أهمية إدارة الخلافات بشكل بناء والسعي إلى التعاون والتفاهم المشترك. من الضروري أن يستمر هذا الانفراج والتقارب في العلاقات لتحقيق السلم والاستقرار العالميين.

توالت التوترات في العلاقات الصينية الأمريكية خلال عام 2023، ولكن مع بداية نوفمبر، بدأت تظهر علامات لتحسن العلاقات بين البلدين. يتطلب ذلك الجهود المستمرة والتفاهم المتبادل لتجاوز الخلافات وتعزيز التعاون في المستقبل.